الواجبات المالية في الإسلام
_____________________________________________________
نص السؤال:
ما هي الواجبات في مال الإنسان الذي يملكه؟ وهل لذلك حد في الشرع؟ وما مقداره وصفته؟
الجواب:
بين الشارع للعباد كل ما يحتاجونه، وخصوصًا الواجبات التي هي أهم المهمات، الواجبات على القلب، والواجبات على البدن، والواجبات من الأقوال والأعمال، وكذلك وضح الواجبات المالية توضيحًا تامًا مجملاً، فأمر بأداء الحقوق المالية، وحث عليها، ومدح القائمين بها، وذم المانعين لها أو لبعضها، وفصَّل ذلك بذكر الأموال التي تجب فيها الزكاة وشروطها ونصبها، ومقدار الواجب فيها، وهذا أعظم الواجبات المالية، وفصَّل كذلك ما في المال من النفقات على النفس، والأهل، والعيال، والمماليك، من الآدميين والبهائم، وبيَّن أيضًا وجوب الوفاء بالعقود والمعاملات على اختلاف أنواعها وتباين أسبابها، وبين ما يتعلق بالمال من الحقوق العارضة بأسبابها كبدل النفوس والأموال المتلفة بغير حق وما فيه من الحقوق العارضة لحاجة الغير، من ضيف ونحوه, ولاضطرار الغير، فأوجب مواساة المضطرين، ودفع اضطرارهم.
ومن ذلك إلزام الناس بالمعاوضات التي تجب عليهم، فإن إلزام الناس بالمعاوضات والتسعير عليهم:
منها ما هو ظلم محرم، كإكراههم على البيع بثمن لا يرضونه، أو منعهم مما أباحه الله لهم.
ومنها ما هو عدل، مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيارة على عوض المثل، ومثل التسعير على العمال، ومن يحتاج الناس إليهم، ومنعهم من أخذ الزيادة الفاحشة، كما يمنع الناس من هضمهم لحقوقهم.
ففي أمثال هذه المسائل على الناس مراعاة العدل، ومنع أسباب الظلم.
وهذه الأمور منها أشياء واضحة لكل أحد، ومنها أشياء يكون فيها اشتباه والتباس يجب أن تحقق وتفحص فحصًا تامًا، لتعرف مرتبتها، فما دامت مشتبهة، فالأصل تحريم أموال الغير، والأصل إبقاء الناس على معاملاتهم واحترام حقوقهم، حتى يتضح ما يوجب الخروج عن هذا الأصل لأصل شرعي أقوى منه وأولى، وأما ما يهذي به كثير من الناس عندما انتشرت الشيوعية وشاعت دعايتها، وأثرت على كثير من أهل العلم العصريين، وأنه يسوغ لأولياء الأمور أن يلزموا أهل الغنى والثروة أن يواسوا بذلك أهل الحاجة والفقراء، وأن يفتتوا ثروتهم على أهل الحاجات، وأن يسدوا بزائد ثروتهم جميع المصالح المحتاج إليها بغير رضاهم، بل بالقهر والقسر، فهذا معلوم فساده بالضرورة من دين الإسلام، وإن الإسلام بريء من هذه الحالة الشيوعية، ونصوص الكتاب والسنة على ذلك في إبطال هذا القول صريحة جدًا وكثيرة، وإجماع الأمة يبطل هذا القول المنافي لنصوص الكتاب والسنة، والمنافي للفطرة التي فطر الله عليها العباد، والفاتح للظلمة الطغاة أبواب الظلم والشر والفساد، فالله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدره على من يشاء، وقد جعل العباد بعضهم فوق بعض درجات في كل الصفات، في العقل والحمق، وفي العلم والجهل، وفي حسن الخلق وسوء الخلق، وفي الغنى والفقر، وفي كثرة الأولاد والأموال والأتباع، وضد ذلك، حكم بذلك قدرًا، ويسر كلاً لما خلق له، وأوجب على كل من أعطاه الله شيئًا من هذه النعم وغيرها واجبات حددها وبينها وفصلها، وجعل لنيل المطالب الدنيوية والمطالب الأخروية أسبابًا وطرقًا، من سلكها أفضت به إلى مسبباتها، وأوصلته إلى نتائجها.
وهؤلاء المنحرفون يريدون أن يبطلوا قدر الله وشرعه، ويسوغون لآرائهم شبهًا لا تسمن ولا تغني من جوع، ويضعون ذلك الشرع تحريفًا منهم. وقد اغتر بهذه الآراء الشيوعية كثير من العصريين، وكثر الداعون إلى هذه الطريقة الشنيعة تغريرًا واغترارًا، ولكن البصير لا يخفى عليه الأمر، والمعصوم من عصمه الله، وقد يروِّجون هذا الباطل بأن تضخم المال في أيدٍ قليلة سبب لمفسدة الترف المفسد للأخلاق، وسبب لإثارة الأحقاد من الفقراء المعدمين، وهذا غلط فاحش، فإن الغنى قد يكون سببًا للطغيان، وقد يكون سببًا للتواضع والتزود من طاعة الرحمن، وعلى فرض ما فيه من المفاسد، فإن ما حاولوه من القضاء على الثروة، سبب لشرور عظيمة، لا تنسب إليها أي مفسدة وسبب لإثارة فتن وشرور كثيرة، عكس ما قالوه، وما قالوه في زيادة ثروة المال، يقال فيه في زيادة قوة الجسد، وصحة البدن، فإنه قد يبعث على شرور، وقد يتوسل به إلى خيرات، وهكذا كل ما أعطاه الله للعباد من المميزات والفضائل البدنية والمالية، والرئاسات والأولاد والأتباع، كل ذلك لابد منه، ولا يمكن محاولة إبطاله وصرف سنن الباري التي أجراها على عباده، والله تعالى قد كفى العباد مؤونة وأضرار الثروة بما شرعه من الحقوق المالية الواجبة والمستحبة التي لو قام بها أرباب الأموال، لكانوا من خير البرية أخلاقًا وأعمالاً، وأشرفهم وأعظمهم اعتباراً، ولكن لما منع أكثر الخلق ما أوجبه الله عليهم سلط عليهم أنواع الظلمة، من ولاة ظالمين , ومن فتاوى الجاهلين المتجرئين،{وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129]
واعلم أن الشُّبه التي تثار لنصر كل باطل، إذا فرض صحة بعضها، فإنها نظريات ضئيلة جدًا، ونظر قاصر حيث نظروا نظرًا جزئيًا، وملاحظة جزئية، وعموا عن الأصول التي تبنى عليها الأحكام، ويعتبرها الشرع، وتتولد عنها المصالح الكلية، وتنغمر فيها المضار الجزئية، وتوافق الشرع والفطر، وتدع الخليقة هادئة، والأسباب قائمة، والارتباط بين الناس قائمًا:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 132]
_____________________________________________________
نص السؤال:
ما هي الواجبات في مال الإنسان الذي يملكه؟ وهل لذلك حد في الشرع؟ وما مقداره وصفته؟
الجواب:
بين الشارع للعباد كل ما يحتاجونه، وخصوصًا الواجبات التي هي أهم المهمات، الواجبات على القلب، والواجبات على البدن، والواجبات من الأقوال والأعمال، وكذلك وضح الواجبات المالية توضيحًا تامًا مجملاً، فأمر بأداء الحقوق المالية، وحث عليها، ومدح القائمين بها، وذم المانعين لها أو لبعضها، وفصَّل ذلك بذكر الأموال التي تجب فيها الزكاة وشروطها ونصبها، ومقدار الواجب فيها، وهذا أعظم الواجبات المالية، وفصَّل كذلك ما في المال من النفقات على النفس، والأهل، والعيال، والمماليك، من الآدميين والبهائم، وبيَّن أيضًا وجوب الوفاء بالعقود والمعاملات على اختلاف أنواعها وتباين أسبابها، وبين ما يتعلق بالمال من الحقوق العارضة بأسبابها كبدل النفوس والأموال المتلفة بغير حق وما فيه من الحقوق العارضة لحاجة الغير، من ضيف ونحوه, ولاضطرار الغير، فأوجب مواساة المضطرين، ودفع اضطرارهم.
ومن ذلك إلزام الناس بالمعاوضات التي تجب عليهم، فإن إلزام الناس بالمعاوضات والتسعير عليهم:
منها ما هو ظلم محرم، كإكراههم على البيع بثمن لا يرضونه، أو منعهم مما أباحه الله لهم.
ومنها ما هو عدل، مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيارة على عوض المثل، ومثل التسعير على العمال، ومن يحتاج الناس إليهم، ومنعهم من أخذ الزيادة الفاحشة، كما يمنع الناس من هضمهم لحقوقهم.
ففي أمثال هذه المسائل على الناس مراعاة العدل، ومنع أسباب الظلم.
وهذه الأمور منها أشياء واضحة لكل أحد، ومنها أشياء يكون فيها اشتباه والتباس يجب أن تحقق وتفحص فحصًا تامًا، لتعرف مرتبتها، فما دامت مشتبهة، فالأصل تحريم أموال الغير، والأصل إبقاء الناس على معاملاتهم واحترام حقوقهم، حتى يتضح ما يوجب الخروج عن هذا الأصل لأصل شرعي أقوى منه وأولى، وأما ما يهذي به كثير من الناس عندما انتشرت الشيوعية وشاعت دعايتها، وأثرت على كثير من أهل العلم العصريين، وأنه يسوغ لأولياء الأمور أن يلزموا أهل الغنى والثروة أن يواسوا بذلك أهل الحاجة والفقراء، وأن يفتتوا ثروتهم على أهل الحاجات، وأن يسدوا بزائد ثروتهم جميع المصالح المحتاج إليها بغير رضاهم، بل بالقهر والقسر، فهذا معلوم فساده بالضرورة من دين الإسلام، وإن الإسلام بريء من هذه الحالة الشيوعية، ونصوص الكتاب والسنة على ذلك في إبطال هذا القول صريحة جدًا وكثيرة، وإجماع الأمة يبطل هذا القول المنافي لنصوص الكتاب والسنة، والمنافي للفطرة التي فطر الله عليها العباد، والفاتح للظلمة الطغاة أبواب الظلم والشر والفساد، فالله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدره على من يشاء، وقد جعل العباد بعضهم فوق بعض درجات في كل الصفات، في العقل والحمق، وفي العلم والجهل، وفي حسن الخلق وسوء الخلق، وفي الغنى والفقر، وفي كثرة الأولاد والأموال والأتباع، وضد ذلك، حكم بذلك قدرًا، ويسر كلاً لما خلق له، وأوجب على كل من أعطاه الله شيئًا من هذه النعم وغيرها واجبات حددها وبينها وفصلها، وجعل لنيل المطالب الدنيوية والمطالب الأخروية أسبابًا وطرقًا، من سلكها أفضت به إلى مسبباتها، وأوصلته إلى نتائجها.
وهؤلاء المنحرفون يريدون أن يبطلوا قدر الله وشرعه، ويسوغون لآرائهم شبهًا لا تسمن ولا تغني من جوع، ويضعون ذلك الشرع تحريفًا منهم. وقد اغتر بهذه الآراء الشيوعية كثير من العصريين، وكثر الداعون إلى هذه الطريقة الشنيعة تغريرًا واغترارًا، ولكن البصير لا يخفى عليه الأمر، والمعصوم من عصمه الله، وقد يروِّجون هذا الباطل بأن تضخم المال في أيدٍ قليلة سبب لمفسدة الترف المفسد للأخلاق، وسبب لإثارة الأحقاد من الفقراء المعدمين، وهذا غلط فاحش، فإن الغنى قد يكون سببًا للطغيان، وقد يكون سببًا للتواضع والتزود من طاعة الرحمن، وعلى فرض ما فيه من المفاسد، فإن ما حاولوه من القضاء على الثروة، سبب لشرور عظيمة، لا تنسب إليها أي مفسدة وسبب لإثارة فتن وشرور كثيرة، عكس ما قالوه، وما قالوه في زيادة ثروة المال، يقال فيه في زيادة قوة الجسد، وصحة البدن، فإنه قد يبعث على شرور، وقد يتوسل به إلى خيرات، وهكذا كل ما أعطاه الله للعباد من المميزات والفضائل البدنية والمالية، والرئاسات والأولاد والأتباع، كل ذلك لابد منه، ولا يمكن محاولة إبطاله وصرف سنن الباري التي أجراها على عباده، والله تعالى قد كفى العباد مؤونة وأضرار الثروة بما شرعه من الحقوق المالية الواجبة والمستحبة التي لو قام بها أرباب الأموال، لكانوا من خير البرية أخلاقًا وأعمالاً، وأشرفهم وأعظمهم اعتباراً، ولكن لما منع أكثر الخلق ما أوجبه الله عليهم سلط عليهم أنواع الظلمة، من ولاة ظالمين , ومن فتاوى الجاهلين المتجرئين،{وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129]
واعلم أن الشُّبه التي تثار لنصر كل باطل، إذا فرض صحة بعضها، فإنها نظريات ضئيلة جدًا، ونظر قاصر حيث نظروا نظرًا جزئيًا، وملاحظة جزئية، وعموا عن الأصول التي تبنى عليها الأحكام، ويعتبرها الشرع، وتتولد عنها المصالح الكلية، وتنغمر فيها المضار الجزئية، وتوافق الشرع والفطر، وتدع الخليقة هادئة، والأسباب قائمة، والارتباط بين الناس قائمًا:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 132]
الخميس سبتمبر 16, 2010 3:24 pm من طرف قمر على هيئه بشر
» عصير أفوكادو مع القشطة والفستق
الأحد أغسطس 29, 2010 10:49 am من طرف الريان
» صلاة من قبلنا ليست مماثلة لصلاتنا في الأوقات والهيئات.
الأحد أغسطس 29, 2010 4:34 am من طرف الريان
» حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر
السبت أغسطس 28, 2010 8:09 pm من طرف الريان
» الواجبات المالية في الإسلام
السبت أغسطس 28, 2010 8:06 pm من طرف الريان
» حكم من رد السنة جملة وتفصيلاً
السبت أغسطس 28, 2010 8:03 pm من طرف الريان
» خبر مهم الى متعب
السبت أغسطس 28, 2010 2:36 pm من طرف بموت فيك
» افضل موقع ثيمات على وجه الأطلاق
السبت أغسطس 28, 2010 9:58 am من طرف الريان
» قبل ان تبيع جوالك
السبت أغسطس 28, 2010 9:55 am من طرف الريان